ظروف غير إنسانية.. تقرير إسرائيلي يحذّر من تدهور أوضاع الأسرى الفلسطينيين

ظروف غير إنسانية.. تقرير إسرائيلي يحذّر من تدهور أوضاع الأسرى الفلسطينيين
أسرى فلسطينيون داخل أحد السجون الإسرائيلية- أرشيف

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، الخميس، عن تقرير رسمي صادر عن مكتب الدفاع العام في إسرائيل يشير إلى تدهور غير مسبوق في أوضاع الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، محذرة من أن هذه الظروف وصلت إلى مستويات خطيرة تهدد حياتهم وسلامتهم الجسدية.

وأشار التقرير إلى أن المعتقلات تشهد اكتظاظًا حادًا يفوق قدرتها الاستيعابية، إذ يُجبر الأسرى على التكدس في مساحات ضيقة للغاية داخل الزنازين، التي لا تفي بالحد الأدنى من المعايير الإنسانية، وبسبب نقص الأَسِرّة، ينام العديد من المحتجزين على الأرض في ظروف وُصفت بأنها مهينة ومخالفة للقانون.

اعتداءات انتهاكات يومية

وثّق مكتب الدفاع العام حالات متكررة من الاعتداء الجسدي على الأسرى الفلسطينيين، مؤكداً أن الحراس ينفذون اعتداءاتهم بشكل شبه يومي، ما يزيد من تفاقم الوضع الإنساني داخل المعتقلات، وأوضح التقرير أن هذه الممارسات ليست مجرد حالات فردية، بل هي نمط متكرر يعكس تدهورًا خطيراً في إدارة السجون وغياب الضوابط الكافية لحماية الأسرى.

وحذّر التقرير من تراجع جودة الطعام المقدم للأسرى، إلى جانب انهيار مستوى الرعاية الصحية داخل المعتقلات، وأشار إلى نقص حاد في مواد النظافة الأساسية وغياب الوصول إلى العلاج الطبي المناسب، وقد أدى هذا الإهمال إلى انتشار أمراض جلدية بين الأسرى، وحالات واضحة من سوء التغذية، إضافة إلى إصابات ناتجة عن الضرب دون تلقي الرعاية الطبية اللازمة.

تجدر الإشارة إلى أنه في سبتمبر الماضي، قضت المحكمة العليا الإسرائيلية بأن مصلحة السجون تنتهك التزاماتها الأساسية تجاه الأسرى الفلسطينيين حين تحرمهم من الكمية والتركيبة المناسبة من الطعام للحفاظ على صحتهم.

الاعتراف وتأثيره الدولي

يأتي هذا التقرير كأحد الاعترافات النادرة من جانب السلطات الإسرائيلية بوجود أزمة إنسانية داخل السجون، ويعكس مدى خطورة الوضع الذي يواجهه الأسرى الفلسطينيون، وقد أثار التقرير مطالبات متصاعدة من منظمات حقوقية دولية بالتحقيق الفوري في الانتهاكات، وضمان حماية الأسرى بما يتوافق مع أحكام القانون الدولي الإنساني.

تُعد قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية واحدة من أكثر الملفات حساسية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وتشير تقارير حقوقية مستقلة إلى أن أكثر من ستة آلاف فلسطيني يقبعون حالياً في السجون، بينهم نساء وأطفال ومسنون، في ظروف غالبًا ما تكون غير إنسانية ومخالفة للمعايير الدولية.

تفرض ظروف الاكتظاظ قصوى ضغوطاً نفسية وجسدية على الأسرى، ما يؤدي إلى انتشار الأمراض وتدهور الصحة العامة، كما أن الاعتداءات الجسدية والانتهاكات المستمرة تضع الأسرى في مواجهة تهديد دائم على حياتهم وسلامتهم، وتؤكد المنظمات الحقوقية على وجوب تطبيق اتفاقيات جنيف لحماية المدنيين المحتجزين وضمان حصولهم على الرعاية الطبية والغذائية المناسبة، بما يضمن احترام حقوق الإنسان الأساسية.

ويُعَدُ هذا التقرير الرسمي خطوةً نادرةً، إذ نادراً ما تصدر السلطات الإسرائيلية مثل هذه الاعترافات العلنية، وهو ما يعكس حجم الأزمة داخل المعتقلات ويضاعف الضغط الدولي على إسرائيل للالتزام بالمعايير الإنسانية وحماية الأسرى الفلسطينيين من الانتهاكات المستمرة.

مخاوف أممية وحقوقية

سبق للأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية أن عبّرت عن قلقها العميق إزاء أوضاع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وأكدت تقارير الصندوق الدولي لإنقاذ الطفولة وهيومن رايتس ووتش أن الاحتجاز التعسفي، وسوء المعاملة، وغياب الرعاية الصحية يشكل تهديداً يومياً لحياة المحتجزين، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن.

وشددت هذه الهيئات على ضرورة السماح بمراقبة مستقلة للزنازين وتقديم الإفادة الطبية العاجلة لأي أسير يعاني من أمراض أو إصابات، معتبرة أن استمرار الوضع دون تدخل يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الخاصة بحماية المدنيين والأسرى.

وتؤكد اتفاقيات جنيف ضرورة توفير ظروف احتجاز إنسانية للأسرى وضمان حقهم في الرعاية الصحية والتواصل مع عائلاتهم، غير أن التقارير المتتابعة تشير إلى اتساع الفجوة بين هذه المعايير وما يجري فعلياً داخل السجون.

الأسرى الفلسطينيون

تشير أحدث البيانات الصادرة عن مؤسسات شؤون الأسرى الفلسطينية إلى أن عدد الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية تجاوز 10 ألف أسير حتى سبتمبر 2025، وهو أعلى رقم يُسجل منذ اندلاع الانتفاضة الثانية، ويشمل هذا الرقم أكثر من 400 طفل فلسطيني و49 امرأة، بالإضافة إلى نحو 3,577 أسيرًا محتجزين بموجب الاعتقال الإداري دون توجيه أي تهم رسمية.

وتشير البيانات الإسرائيلية إلى أن معظم السجون مكتظة بنسبة تتراوح بين 130 و150 في المئة من قدرتها الاستيعابية، ما يزيد من المخاطر الصحية ويؤدي إلى تفاقم سوء التغذية وانتشار الأمراض بين الأسر.

وتبرز هذه الأرقام الفجوة الكبيرة بين الحد الأدنى المطلوب من المعايير الإنسانية والواقع القائم داخل المعتقلات، مما يجعل التدخل الدولي العاجل ضرورة لضمان حياة الأسرى وحقوقهم الأساسية وفق القانون الدولي الإنساني.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية